الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

مذاق صوم الجوارح

ما أجمل صوم الجوارح عن الآثام ..
إنه عهد جديد بينك وبين الله ، أن ترتقي بنفسك وتطلب العلا فتسير في أفق رحيب يتغلغل وجدانك ويخالط همس نفسك فيصلحها ..
صوم مختلف عما نألف ونحب .. صوم عن الكذب .. الغش .. التدليس .. صوم اللسان عن الفاحش من القول .. صوم البطن عن كثرة الطعام والشراب .. صوم الفرج عن الرفث .. صوم يجعلنا نحاسب أنفسنا عند كل كلمه فلا نجرح صيامنا ولا نقدح ثوابه .. فالأعمال بالنسبة إليه يستلذ طعمها كالطعام ويشم ريحها كأنفاس المسك التي تندي جبينه ..
يدرك ساعة الإثم وقعه في نفسه فيتوقف ويكسر حدة مطاردته لهذا العمل حتى لا يقطع على نفسه ويخدش صومه ..
قال صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) أخرجه البخاري.
صوم الجوارح أعظم حدة وأكثر ايلاما للنفس وتربية لها ، إنه يرتقي بها ويصفيها وينقيها لتكون كبياض الثلج في رقته وجماله .. فالصائم له فرحتان : " إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي الله تعالى فرح بصومه "
فكيف تكتمل له فرحة لو لم يحافظ على صوم جوارحه ؟
عهد جديد نرتقي فيه حين نلملم شتات جوارحنا لنقيمها ونسير بها في مراق الصعود والرفعة ..
عهد جديد ينادينا كلما أقبل علينا رمضان ليبوح لنا بسره الغامض وسط ركام الذنوب التي تسرق منا لحظاتنا الجميلة لتحيلها إلى اكتئاب ، ثم نعود لنسأل أنفسنا التائهة عن سببه وننسى أن سببه تمادي الجوارح بلا التئام ..
حين يتحفنا رمضان بلياليه الجميلة تتصدرنا أبواب السماء لتذكرنا بباب الريان الذي يفتح فقط للصائمين .. باب من أبواب الجنة لم نكن لنبلغه لولا صوم صحيح بخرائط الجوارح المكبلة والتي نربيها على البعد عن سفاسف الأمور التي تفقدنا الأجر فيه ، وقال صلى الله عليه وسلم:
( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد) متفق عليه

ليست هناك تعليقات: