الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

بلل المطر








جميلة هي حياة القلوب حين تلملم أشتاتها في حضن يعي الحب بمفاهيمه الرقيقة وهواءه المنعش ويدرك أنه قريب تحفه الملائكة لأنه قرر تفقد قلب ارتبط معه في رباط العقيدة الوثيق .. جميل أن تحتوي هذه القلوب لأجل نفوس يغالبها الكثير من الوجد والشوق لها ، فتمنحها دفئا وشوقا وتقدير مكانه ..

ها هي القوارب تتيه بنا في مياه بحرنا ، نجدف في أوحالها مرات وتمر علينا بصفاء بريقها مرات أكثر ثم نرتحل عبر عبابها لتختلط وأرواحنا ونكتشف أنها قائمة على قاموس غير واضح ..

ألا يحق لهذا القارب أن يسير وهو يرفل بوجد مشاعره الصادقة دون أن تظلم عليه الدنيا ليكتشف أنه تائه بلا وجد صادق ثم ينسى ليتوه في أمواج الحياة وبين متون أمواجها الغارقة ، ما أجمل أن تعيش للغير وتنسى ذاتك وما أجمل أن ترى وجد القلوب تتوق لك لحظة ارتواء فتهطل السحب الغليظة بمطرها المنعش لتنعش قلبا يرنو لحياة جميلة صاغها لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلمنا كيف ننهج من بلل مزنها ..



جميلة هي الأرض وهي تلتحف بلل المطر فتملؤه حياة وارتواء .. يسري في أعماقها ثم يتغلغل في أوصالها ليمنحها دفئا .. برودة أوصال وانتعاش روح هامت باحثة عن رضا الرحمن ..


ليس أصعب على الانسان شيء أكثرمن ألا يفهم لحظة تعبيره عن نفسه ، كم من الأناس يعيشون بيننا ويرافقون أفكارنا فإذا دخلوا في بحرها تاهوا وأحزنونا لأنهم غرقوا في مائها فلم يعوّوها ..

أيتها السحب الكثيفة اهطلي علينا بماء ينبوعك النقي وارسمي لنا في فلك السماء قلوبا تنثر زهرا ، تبحث عن كل قلب احتوته يوما ما فقررت أن تملؤه رضا ويقين ، ارفعي من أعماقه وخذيه للسماء وارحلي به في متون حب الله العظيم لترتوي فلا تبحث عن حياة لدى بشر قاصرين لا يعوون قيمة الحب الذي منحهم الله إياه ليظنوا فيرتاحوا حين أصبحوا يتيهون بين عطاء ينضب وينقص وفق حاجة دنيوية ..

الأحد، 20 ديسمبر 2009

أبواق الوجع ..




ها أنا أمد النظر في جنون موجك الهادر ..
أستغربه وعلامات التعجب ترتسم في فضائي ، أتمنى لو تعيد لي بعض سنين عمري .. أتأملني وملامح وجهي بين راحتي أمي ، أدفنها متعمدة كي أستطيع النوم وبعدها بحثت كثيرا عن مثل يديها فلم أجد ، كنت أجد سكونا غريبا دافئا حين أتذكر هذا الأمر يسحبني ويسمح لي أن أغمض جفناي على صمت رحيلها !!..


كم هي ساعات العمر التي مرت رمادا على صخب روحي المنهارة وسط ظلمة القسوة التي رمتنا في أوحالها وسيطرت على هوامش أركاننا فسلبتها سكوننا دون أن ندري ، أنت الوحيد أيها الموج من تستطيع أن تخلصني فأنت من عاش وجعي وقلقي وطحني وسحق روحي مع شخص لم يخلق إلا لذاته ..

- أمي .. أمي تعالي لتلعبي معنا ..
- أين هو والدكم ؟
- إنه هناك يمشي ..

ألتفت لأفك طلاسم غيبته ثم أبتسم ابتسامة من يرقص مع الوجع المشروخ في صدره .. كالعادة يعانق هاتفه وأبواق ناقوس وجعي يدق لمرحلة الخطر التي لا تنتهي .. لا يبال هو بمن حوله وكعادتي أرى مالا أريده وأبتلع الألم .. مكسورة هكذا .. صامتة .. حتى هبت نسيمات هواء على وجهي .. خفيفة هي لكنها أوجعتني كصفعاته لي .. لا أنسى حين داهم مملكتي وشرّع أبواب دولابي ليلقي بملابسي خارج الغرفة طاردا لي ساعة ظلمة وظلام دامس يسحقني لطلبي بيان عاجل لما يحصل .. غزيرة تلك اللحظات التي سلبت كل شراييني ليستمر القطع .. سكتت بعدها كثيرا ورحت ألملم تقاطيعي ثم لكتّ الحزن والهم وآثرت الاندثار تحت غطاء ثقيل عله يمنحني دفئا فقدته فما وجدته ..

وهكذا أعيش أنا في مكان يجثم على صدري بلا روح .. أو بروح مغتالة ..

الخميس، 3 ديسمبر 2009

تابوت الحزن ..




غادرت الحياة على غير ميعاد .. ودعت روحها كل من مر عليها بصمت ، وأطرقت توصيه على فلذات كبدها .. ها هو يجول ببصره عنان السماء .. يلاحق النظرة تلو الأخرى يبحث عن مرفأ أمان لصغاره .. أمسك بهاتفها .. فتحه وأخذ يجوب في عتبات الأسماء ، اسما تلو الآخر ، علّه يجد في أي منها ضالته ، فتكون أمّا ثانية لبراعمه ..

نعم ، هذا هو .. أخيرا وجدته !!

ارتسمت ابتسامة على شفته ، هذا هو الاسم الذي وقع عليه الاختيار .. اسم ليس بغريب عليّ فقد كانت يرحمها الله تكثر ذكره .. اسم طالما جاب أركان الأرصفة معنا وامتشط الخطوط المتعرجة التي كنا نسلكها بحثا عن الخلاص .. حتما سيكون هذا الاسم ملتصقا ببراعمي حد الاحتواء .. وسيوقد قلوبهم شموعا بعد مكابدة الفراق ..

وبكل ومضات السرعة أخذ يركض نحو غايته .. ينافح عنها هنا وهناك ويتذرع بأن حبيبات قلبه يحتاجون لمؤنسا وقريبا يلقون بأجسادهم في أحضانه بعدما رحل عنهم الحضن الأكبر ، وبسرعة البرق طارت الرغبة ..


وتوالت الليال وحصل المراد واجتمع الإسمان على غير ميعاد ونافحت الأوراق مغمضة لأعين الصغار بالوجل والصمت المفجع .. واكتشف بعد برهة أنه أخطأ الحساب ، فلا الاسم كان مسماه صادقا ولا القلب كان مليئا بالحنان !!

- ويحي .. وضع يديه على وجهه ، كم سأشطب من قائمة النسيان ؟ وكم سأزيح من قلوب حبيباتي الاحتضار ؟ وكم سأمحو بممحاة الأمل من أعينهم نظرات العتاب ؟ علامات في حياتي الماضية كانت فارقة عنها الآن ، وها هو نحيب الذكرى يطاردني .. يلومني كلما طاف طيفها وحنّ وجدها للصغار وكأنها تلسعني بعصا النكران وتلهبني بوخز الضمير وأنا أكابر يوما تلو الآخر علني أفوز بالمراد فلا القلب تغيّر ولا النفس أشبعت وشحنت بالحنان ، بل هكذا بقي الحال على حاله من القسوة والتمرد والرغبة في النفور والبعد حتى تركت لحبيبات قلبي العنان والتفكير في البحث عن مخرج .. ها هي شوارع الذاكرة تطاردني ، تحاربني .. تنتشلني ونفسي وتكتب في الأزمنة القادمة سطور غدري ..

- لا لم أغدر .. لكنني أخطأت الحساب وظننت أن مفهوم زوجة الأب قد يكون له معنى آخر لدى هذا الاسم فما وجدت غير الصدود والحرمان .. وثبتّ عاريا بعدك يا جسد فالتحفت الرغبة قبل أن يسلبني تابوت الحزن زيادة البثور وتقرحاتها في وجدي فلا أريدها أن تتمدد وتصل لهم فتملأ رأسي وتحيلني ركام .. ومن يسعف صغاري حينما أفارقهم بعدك وأعزم على الترحال ..

كل فكري كان مطرقا فيهم فليتني تركت لهم حبل الاختيار وصبرت قليلا على الذكرى فربما كان الصواب في بريق أعينهم أجدى من نظري أنا …

الجمعة، 27 نوفمبر 2009

عيدكم مبارك

هنأكم الله بالعيد
ورزق أمتنا النصر والتمكين
وتقبل منا وسائر العالمين
وأكرمنا بجنة ونعيم
عساكم من عواده

الخميس، 12 نوفمبر 2009

لا تنسوا انهم .. بشر ...




كثير منا يعيش في الحياة ويتناسى أن من حوله كلهم من البشر .. يعتريهم ما يعتري البشر من الفرح والحزن ، البكاء والضحك .. أحيانا يعمل ويتعب ، يغضب ويمرح .. لكن ربما نتناسى هذه الأمور فنعتقد أنه سيكون كما نريد متى شئنا وطلبنا ودون مراعاة لدواخل هذا الشخص ..

الكثير من البشر يكونون في أوضاع لابد أن يتناسوا فيها أنفسهم في أغلب الأوقات ويعيشون لغيرهم لأنهم وهبوا أنفسهم للكل وجعلوا شعارهم نعيش لغيرنا وهذا أمر جميل فصاحب هذه النفسية التي تكون حياته لغيره ممن يحيطون به يسخر نفسه لخدمتهم والعيش لأجلهم شخص معطاء .. مؤثر ويحب الخير للكل ، لكن هؤلاء الناس عليهم أن يدركوا بأن هذا الانسان تأتيه أوقات يشعر فيها أنه يحتاج للإسترخاء .. يحتاج لتطبيب نفسه مما علق بها من تراكمات النفوس والبشر ومشاكلهم وهمومهم التي لا تنتهي والتي عليه أن يشاركهم بها ويمنحهم الحلول لأجلها ولأجل الخلاص منها مع أنهم لو لجؤوا لخالقهم لكان أولى لهم وأفضل فهو من يخلصهم مما قد ألمّ بهم وليس بشر .. لكن بعض المشكلات تكون بحاجة لعقل بعيد عنها غير غارق في همومها ليركز ويمنح هذا الشخص حلولا تفيض عليه لغة الخلاص لحظة غياب وعي ..

حين يشعر هذا الانسان يوما ما أنه يحتاج لقلب قريب منه فهذه ليست جريمة فهو كغيره وهذا لا يدل على أنه متذمر من الناس ومن همومهم ، لأنه لو كان كذلك لأغلق قلبه عنهم وأراح نفسه منهم بسهولة وبخطوة سريعة يستطيع القيام بهذا الأمر، لكنه هيأ نفسه لأمر مثل هذا فهو يدرك قيمة قضاء الحوائج ويعظم الأجر والثواب اللذان ابتغاهما من الخالق لأجل هذه الأمور ويتمنى أن يقبل عليه كل قلب مهموم ليقدم له بسمة ولمسة حانية وحلا لمشكلة تعيد له قاموس جراحه وتضمد تضاريس وجده وترفع عنه دمعه ..

لكنه مع ذلك كله ما زال وسيبقى من البشر .. لهذا علينا ألا نقسوا عليهم وأن نعذرهم ولا نؤذي قلوبهم فنزيدها وجعا .. علينا أن نعطيهم فسحة للتنفس وأخذ شيء من السكون .. علينا أن نوصيهم تلك اللحظة أن يكونوا على سجادتهم لحظة عسعسة الليل لترتقى أنفسهم حين شروق الشمس فيخرجوا لنا كما كانوا وكما نريد لا أن نذمهم ونعيب عليهم ما ألمّ به !! ..

الجمعة، 30 أكتوبر 2009

فيروس الخوف ...




فتحت الباب وأنا أدفعه بقوة وصدى صوت الأحذية يدوي في صدر المكان .. تصدر طقطقة يتعالى صداها هنا وهناك وكل في عجلة من أمره ..


أخرجت البطاقة لأحصل على ملف علاج صغيري الذي أحضرته لأخذ آخر جرعة تطعيم له .. حملت الملف وحملته لأسرع الخطى وسط ضجيج المكان وأنفاس المرضى ..


المكان مزدحم بصورة غريبة ، لا أعرف سببا لهذه الزحمة غير المبررة .. أهو هذا الفيروس الذي فاق صداه كل الأمراض .. يا لهذا الفيروس اللعين الذي أطاح بجدران الشجاعة وأرعب القلوب وجعلها تترقب وترتعد كلما أصاب قريب منها سعال أو حرارة !!


h1n1


وصلت للممرضة التي رحبت بصغيري وسجلت ما تحتاج ثم طلبت مني الذهاب للطبيبة لفحصه والاطمئنان عليه قبل الجرعة .. خرجت من عندها ودخلت تتسارع خطواتي وكأني أبحث عن مخرج آخر يقذفني خارج هذا المكان لأبتعد عن هذه الزحمة ..



الممرضة : تطعيم ؟ اجلسي هنا بمجرد خروج المريضة تدخلي ..


جلست على كرسي قرب الباب وأجلست صغيري في حضني فقابلتني امرأة على الكرسي المقابل لي تحمل صغيرا لا أعرف جنسه فهو مغطى بأكمله ولكني قدرت عمره بشهرين ، يفصل بيني وهي باب غرفة الطبيبة .. ابتسمت وقالت :


تأخروا كثيرا .. لقد طال جلوسي ..


وكأنها تلمح أنها جاءت لنفس سببي ..


الممرضة : أبناء المرأة في الداخل حرارتهم مرتفعة منذ ثلاثة أيام ( 39)˚ يبدو أنهم يعانون من الانفلونزا .. ستكتب لهم الطبيبة لأجل إجراء تحاليل إثبات الحالة ..


خيمت الأفكار في رأسي ..



يا إلهي احفظ صغيري وهؤلاء الصغار كلهم .. ماذا أفعل ؟ أأحمل الكرسي من على هذا الباب وأتجه للجهة الأخرى ؟ أأخفي وجه صغيري في عباءتي وأغطيه بأكمله ؟ يا الله ما هذه المشاعر التي تمتلئ في دواخلي ؟ أين ثقتي بالله ؟ أين ؟


يبدو أن الخوف يدب في أركان الكل والسبب الخنازير .. ليتهم لم يخبرونا أن هذه الانفلونزا تسمى بهم فكرهنا لهم زرع في أوصالنا الخوف حتى باتت مواقفنا تثير الضحك والسبب هذا الوباء ونسينا أن الله ما أنزل من داء إلا وله دواء وأن هناك أمراضا أشد فتكا وأخطر من هذه الانفلونزا ، إذن علام الخوف وهذا الجبن الذي يعترينا ..



تذكرت ابني الذي في الصف الثاني حين رفض الذهاب للمدرسة بعدم شراء المعقم ، فابتسم أخوه حينها وقال بأن طلاب فصلهم قرروا إحضار المعقمات والكمامات من الغد ، فسألته : لماذا ؟ أخائفون هم ؟


فرد علي : يبدو ذلك ، فقلت له : لا بأس فالحذر واجب ولكن يتوكل الانسان على الله ويستعين به .. ولم أعلم بأن هناك مساحة خوف في نفسي حتى دخلت العيادة مع صغيري لتدب في هذه المخاوف ..



يا الله كيف استطاعوا أن يرعبونا ؟ كيف ؟


كيف غرسوا فينا من اللاشيء شيء؟



الحركة ما زالت على حالها والنساء يدخلن ويخرجن وأنا في فضاء الغرفة أرصد حركة الفيروس الذي لا أرى له وجودا يتطاير في أركانها ، أبحث عنه وكأني أبحث عن شيء من العدم .. لا أرى فيما أبحث سوى فيروس الخوف الذي يحتويني ويزيد من وحشتي .. تحولت الغرفة لحظتها بسكون عقلي الموحش إلى أشعة بيضاء متراقصة من أضوائها القوية تلتف حول عيناي .. تطبق على أنفاسي فلا أرى مع هذه الأشعة البيضاء إلى اللون الأسود يتمايل هنا وهناك يرحل بي من مكاني وأنا أغط في بحر لا أستطيع ايقاف هدير موجه حتى أذنت لي الممرضة بالدخول فحملت صغيري مسرعة لأدخل الغرفة الأخرى التي ربما تكون مليئة أكثر من الثانية بالفيروسات دون علم مني حينها فقد كنت أبحث عن مرفأ أمان ينتشلني وصغيري .. هذا أمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، فمن يخبرني بمعلومة مهمة كهذه في تلك الثوان الفارغة التي أقطعها ؟..



خرجت لأمر على النسوة وهن يتجاذبن أطراف الحديث يشتكين مما اعتراهم من أوجاع وآلام رافضة انزال صغيري ليمشي حتى لا يثني خطواتي السريعة للخروج بعد الانتهاء من التطعيم ..



أنهيت عملي وأسرعت كعادتي فأنا أعيش في عصر السرعة هذا الوقت لأحمل خطواتي وأركب السيارة وأتذكر ما مر فأضحك وننطلق ..

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

كيف نعوّد أنفسنا على القراءة ؟








( لست أهوى القراءة لأكتب ولا لأزداد عمرا في تقدير الحساب وإنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة ، وحياة واحدة لا تكفيني لأتحرك على ما في ضميري من بواعث الحركة .. القراءة وحدها هي التي تعطي الانسان الواحد لكثر من حياة واحدة ) عباس العقاد

القراءة هي فاتحة الخير للإنسان وهي ملاذه للخلاص من التيه ولهذا لابد لنا من تعويد أنفسنا عليها حتى تصبح شيئا لا يمكن التخلص منه .. وقد وضع لنا الشيخ المربي علي الطنطاوي قواعد طيبة لتصبح المطالعة في قوائم العمال التي نقوم بها ومما ذكر :





- وخير ما يقرأ كتاب الله القرآن بفهم وتدبر فهو أساس الهداية للقلب والبلاغة ، وكثير من النصارى أدركوا بلاغته وتدارسوه فنحن أولى بتعلم كتابنا وقد كان محمد إقبال يحرص على تلاوة كتاب الله يوميا ومر عليه والده ذات مرة فظل يسأله كما يقرأ فيخبره أنه يقرأ القرآن ومرت الأيام فجاء بعد سنتين وسأله عن هذا الأمر فقال : إنما أردتك ان تتدبر ما فيه فتقرأه وكانه أنزل عليك يخاطبك ( أو كما قال ) فلا تكفي قراءة بلا تدبر أو شعور وكأن الغاية غنجاز وختم دون وعي وتربية ..

- التعوّد على القراءة يبدأ بالكتب الخفيفة السهلة كالقصص ثم يتدرج فيخلط القصة بالتاريخ والخبر وعند اختيار القصة لابد من البحث عن القصص البليغة السلوب ، العالية الهدف ، العميقة المغزى كقصص المنفلوطي ، ثم ينتقلون لقصص كتب الأدب كالبخلاء للجاحظ وكليلة ودمنة لابن المقفع ثم يرتقون لصيد الخاطر وكتاب الحارث المحسبي ( الرعاية لحقوق الله ) وبعدها كتب العلم ..

- ومن تعويد النفس على القراءة وضع عدد صفحات تقرأ يوميا لا يتركها طالب علم أبدا ( كخمس صفحات بداية ثم يزيد ) ولا يتركها مهما حصل ..

- تخصيص مبلغ من المصروف اليومي لشراء الكتب ويحسن اختيار ما يشتري حتى ينتهي من دراسته تكون لديه مكتبة مفيدة واختيار الكتب أمر مهم فلا نقتصر على القصص والروايات بل نبحث عن كتب العلم المفيدة والمغذية للعقل فننهل منها فالكتب كالأطعمة لا نخلط الحلو والحامض والحار والبارد حتى لا يصيبنا سوء هضم عقلي !!

القراءة ضرورية للطالب والمعلم ، فالمعلم الذي يكتفي بما في مناهج التعليم لا يضيف عليها ولا يطالع ليوسّع أفقه يتخلف عن الركب ويصبح كأنه طالب حافظ لدرسه !! فإذا أردنا أن نعرف مقدار رقي بلد معين فلننظر إلى عدد الكتب التي تباع فيه ..


والحفظ ميزة وركيزة للذهن العربي ، فالعلوم كلها نقلت عن طريق التواتر أي حفظا ورويت رواية ولم يبدأ التدوين والتأليف إلا في أواخر القرن الثاني ، وكان المحدثون أعجوبة في حفظهم كالدارقطني والبخاري وغيرهم كثير

صور من حفظ المحدثين

الإمام الشافعي جاء لمالك وقعد في حلقته لتلقي العلم فكان مالك رحمه الله يملي على طلابه ولم يكن مع الإمام الشافعي قلم ولا ورقة فجعل يبّل اصبعه بريقه ويكتب على ذراعه ، فرآه الإمام مالك واعتقد أنه يهزأ به خاصة وأن الكتابة لا تظهر ، فقال له : إنما أكتب ما اسمع لأحفظه وإن شئت اعدته عليك، فقال : أعده ، فأعاد عليه الدرس كله ..


كان المعري في مسجده وكان بجنب المسجد روميّان يتكلمان بلسان الروم ثم اختلفا على شيء ورفعا الأمر إلى القاضي فطالب أحدهما بالبينة ، فقال له : ما كان معنا احد ، ولكن كان في المسجد شيخ يسمع كلامنا فادع به ، فدعا القاضي بالمعرّي وسأله فقال المعرّي : انا لا أعرف ولكن اعيد عليك ألفاظهما ، واعادها بالرومية !!




يقول الغزالي : من أساتذتي الذين استفدت منهم قاطع طريق ، خرج علينا مرة فأخذ كل ما في القافلة وأخذ تعليقتي ( دفتر مذكراته ) فقال : فجعلت أتوسل إليه وأقول : أنا لا آسف علىمال ولا متاع ولكن تعليقتي ، فقال له : وما تعليقتك ؟ قال الغزالي : دفتر فيه علمي كله ، فضحك قاطع الطريق وقال : ما هذا العلم الذي يذهب منك إن ذهب دفتر ؟
قال الغزالي : فانتبهت لهذا الدرس وجعلت أحفظ كل شيء أسمعه لئلا يذهب إن ذهب الكتاب


ليس بعلم ما حوى القِمَطْر …. ما العلم إلا ما حواه الصدر

والقمطر : هو المكتب الذي تحفظ فيه الكتب ( المكتبة )

الخميس، 1 أكتوبر 2009

من هنا .. وهناك ..






ربوع الساجدين

ربما كان علينا ألا نتوه .. كان يجدر بنا أن لا نقسّم أرواحنا هكذا لنخفف عليها الطرق فوق وتر الإحساس ..
أكان يعبث بنا حتى الهواء ليحيل أوصالنا المتصلبة وجعا لا يسكت ؟

وماذا عن فجر قلوبنا الذي يومض بين فينة وأخرى في ربوع السجود ؟ ماذا عنه حين ينسينا كل خاطر يمر فيحيل حياتنا لأفق نبحث عنه في أوج تعكر هذه النفوس وخمولها ؟
أما علمنا أن هذه المناوشات ترفع لنا درجات الحساب ؟

الكثير منا تلذذ بطعم الألم واعتاد رشفة بولع وكأن القلوب لا يجب أن تعيش إلا به لكنها سنة الحياة فهي دار ابتلاء وأشد الناس بلاء هم الأنبياء .. هذا ما يجب أن يرسخ في أعماقنا فنتعلم فنون
الصبر وخاصة عند الصدمة الأولى ..



نظرتنا للكون .. للسماء .. للحياة

أرواحنا لابد أن تعبّ في عالم التأمل لتنهل منه وتعيشه بكامل حواسها .. تكون لها نظرتها المتفحصة في فضاء هذا الكون فتصل بنفسها لعظمة الخالق وعظيم صنعه ، فهذه اللحظات كفيلة بإيصال الروح إلى بر الأمان .. ننظر للسماء بعيون سبقتها الرغبة في الوصول للجنان .. تتحدث عيون قلوبنا ووجداننا فلا يكون النظر مجردا وبلا فهم بل يعمق النظرة ويوسع المدارك ويتحف البصيرة بتروٕ وحكمة .. حين نتعرف على قوانين الكون ونرحل في رحابها ندرك قيمة الحياة فنراها مختلفة كاختلاف النظر الذي عشناه ساعة ايمان وصفاء ..

إنه التأمل .. تلك النعمة التي لا يدرك قيمتها إلا من عاشها متفكرا في أسرارها .. متعمقا في خفايا حركاتها ونظامها ..





أياد تتصافح .. قلوب تتصافع ..

ما أكثر ما تمسّ الأيادي بعضها بعضا حين تلتقي ، فتتصافح لتحط ذنوبها كما علمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكنها تنسى حين تتصافح الأيادي أثر تصافح القلوب فلا تصفيها ولا تطهرها ، وحتى نحقق حقيقة الأخوة التي حثنا عليها الإٌسلام علينا ألا ننسى أن الله تعالى خلقنا مختلفين فلا نملأ هذا الاختلاف بالتشاحن والتباغض وملء النفوس بالأحقاد ، لتكون بعيدة عن الأخلاق وتترك هكذا تقدح وتطعن كل رائح وغاد .. بل نترفع عن السيئة ونرتقي بتعاملنا وروح عقيدتنا ..

الأحد، 20 سبتمبر 2009

عيدكم مبارك


زهرة بيضاء كقلوبكم الطيبة
بعد رمضان
هكذا فلتبق القلوب
نقية بطاعة الله
صافية كالماء الزلال
تلهج دوما بالدعاء
ربنا أعنا على طاعتك
وعبادتك ونور قلوبنا
بالايمان بك

تقبل الله منا ومنكم صالح العمل





كل عام
وأمتنا الإسلامية
بخير

الجمعة، 18 سبتمبر 2009

مذاق الإعتكاف




ها قد شارفت أيام هذا الشهر المبارك على الانتهاء وكم كنا ننتظر وننادي وندعو الله عز وجل أن يبلغنا هذه الليالي بما فيها من خيرات ..

ليال عظيمة تنادينا أن هلموا .. اجبروا ما ضاع من أيام فاتت ونحن في انشغال وتعالوا .. اتركوا الدنيا بما فيها من ملهيات ومفاتن .. اخلصوا لي اللحظات وادعوا الودود المنان أن يمن علينا بالقبول ..

ليال مباركة فيها ليلة خير من ألف شهر حري بنا أن نعتكف ولو لساعات .. ننطرح بين يدي الله سبحانه وتعالى ونبتهل ، ندعو ونتضرع ، نحضر قلوبنا وأعناقنا المشرئبة نحو الدنيا .. المنغمسة في أركانها .. نتذكر قول نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال رادا على السيدة عائشه رضي الله عنها حين سألته :

" يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني "

حان الوقت للحصول على الجوائز الربانية .. الرحمة ، المغفرة .. العتق من النيران كلها أوسمة يحصل عليها من جاهد نفسه ، وخلص هواه وقاده نحو السمو والعلا ، الارتقاء والصعود للحصول على النجاة ..


الفوز بليلة القدر كما قال صلى الله عليه وسلم :" ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري ..


كلنا يعيش على أمل العتق من النار في هذه الليالي المباركة .. كم منا حفظ جوارحه فيها ؟ وكم منا قامها وعمرها بتلاوة كتاب الله ؟ وكم منا بللت الدمعات وجنتيه طمعا في مغفرة الله عز وجل وقبوله ؟ فهل سألنا أنفسنا ودعونا الله أن نكون على هذا الحال بعد رمضان ؟؟

لنكثر من الدعاء فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدعاء هو العبادة) أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني.

فالدعاء مهم حتى لا يتغير حالنا ولا يتبدل .. حتى نهجر المعاصي والذنوب فيه وفي الشهور الأخرى ، حتى نرجو الله عز وجل أن يعمر أوقاتنا بلذة العبادة ومناجاته على سجادة الركوع والسجود دوما ..لنتذكرحديث النبي صلى الله عليه وسلم:

( إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء) أخرجه أبو داود وصححه الألباني.

لنبدأ الاعتكاف ولو ساعتين من نهارنا .. نخلو بها وأنفسنا مع الخالق لنجعلها لحظة إخلاص لا يعلم بها سواه .. حتى يباهي الله عز وجل بنا ملائكته وأهل السموات على حسن العمل والقبول والرضا ..لا ننسى أخوتنا الذين يعانون من العدوان والاضطهاد .. لنكثر من الدعاء للأمة وندعو لتفريج الكربة ونكون معاول بناء في ترميم الصدع والنهوض .. اللهم تقبل منا ويسر لنا واجعلنا من المعتوقين من النار ..


هيا فلم يبق من الوقت إلا القليل ..

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

مذاق القيام .. والقرآن




دوي في الآذان يرتل آيات الليل فيرتفع مع الوجد في قلوب المتهجدين ، يثير في أرواحهم الحياة تلو الحياة ..



يخبرهم أن الفوز قادم لهم لنهم عرفوا فأدركوا فعاشوا فتلمسوا إحساس هذا الوجد الذي لا يصمت ..






" ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "






هذا هو حال المساجد في رمضان وهي تمتلئ بالمشتاقين .. تتلمس القلوب أوقات ماتعة .. تنزوي فيها منفردة .. بين يدي الرحمن يكون الوضع حينها مختلفا فهنا لا مجال للرياء والعجب .. صورة تلهب المشاعر وتوقظها فهي في وجدها بين يدي الرحمن وحدها ..






فهل يقارن من حاز هذا المذاق بغيره فعاشت روحه بمن اشتغل عن الشعور به بملهيات الدنيا ومغرياتها وأخذ يسرح من فضائية لأخرى لتضيع عليه الساعات وتتراكم المعاصي والآثام ؟؟






لا مقارنة ولا تعادل ..فشتان شتان بين من أدرك ووعى ورفع أكف الضراعة وانبرى يسابق القلب في وجده نحو العلا .. يتلوى حتى يعينه الله على حيازة هذا الفضل والتمتع بمذاقه وجمال لحظاته وبين من ضيع وفرّط وقصّر وانشغل لتكون الأوقات عليه وبالا وبلاء .. حتى يجد نفسه في آخر الصف ..



آخر الليالي وكله حسرات تتكالب عليه فيقول : يا ليت شعري هل سأكون من المحرومين وسأستقبل العزاء أم سأكون من المقبولين فأستقبل التهاني والأفراح ؟؟ وهل بقي للحيرة مكان ؟؟ لقد وجدت الإجابة فكف عن السؤال !!!






إنها أوقات وثوان للسباق فمن يدركه يفز ومن يتخلف يخب وتكون الحسرة نصيبه ، الطاعة نعمة لا يحظى بها إلا من أشرق اليقين في نفسه وحلق طائرا لربه بجناحين كلهما حب وشوق للقاء ..



الثلث الخير دوما يفوز بالثواب العظيم ورمضان منافسة عظيمة لا تعوض .. الفائز فيها من كان دقيقا في ضبط وقته ومستفيدا من ساعات يومه .. وأروع ما في هذه الساعات ساعات الليل .. حين تتنزل الرحمن وينزل الله عز وجل لسابع سماء .. فيرى ما عليه عباده من الطاعات ..






مذاق القرآن






تنافس عجيب يسري في الوجدان .. يخالط كل الأنفاس .. نعم كلها تسعى لأن تتلو كتاب الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار .. فيزيد الارتباط في رمضان فرمضان مختلف كما قال ابن الجوزي :



" مثل الشهور الإثنى عشر كمثل أولاد يعقوب وكما أن يوسف عليه السلام أحب أولاده إليه كذلك رمضان أحب الشهور إلى الله وكما غفر لهم بدعوة واحد منهم وهو يوسف كذلك يغفر الله ذنوب أحد عشر شهرا ببركة رمضان " بستان الواعظين ...






فهل ندرك عظيم هذا الفضل ؟؟


ولهذا تجد القلوب فيه مع القرآن تتزاحم الدقائق عليها لتكون معه في حب ووئام .. لهذا لابد أن تكون علاقتنا معه علاقة كيف لا كم .. فالسباق ليس في عدد الصفحات .. ولا عدد الختمات بل فيما تدبرنا من الآيات واستشعرنا في السور وحلقنا مع الترتيل لتستيقظ قلوبنا على أنوارها فتوجل وتتخلى وتطهر ..






يكون القرآن فيها كالماء الذي يسقي العطش فيروينا .. قليلة هي المعان التي تزخر في أرواحنا ونحن مع كتاب الله .. عظيمة هي الهموم التي ترتقي بنا حين نعانق صراط الله المستقيم فنعيشه .. ندرك أننا سنعتق من النيران وستكون لنا أبواب نتسابق بقربها بدا أجمل شيء في رمضان .... فلله في كل ليلة عتقاء وها هو المصطفى صلى الله عليه وسلم يجتمع معه سيدنا جبريل عليه السلام ليتدارس القرآن معه ويكون له مراجعة ومتابعة فكان هذا الشهر هو شهر القرآن






كما قال ابن عباس رضي الله عنه : " إن المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلا " وهذا دليل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان بالليل ، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع فيه الهمم ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى :" إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا " ( ابن رجب )

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

مذاق صوم الجوارح

ما أجمل صوم الجوارح عن الآثام ..
إنه عهد جديد بينك وبين الله ، أن ترتقي بنفسك وتطلب العلا فتسير في أفق رحيب يتغلغل وجدانك ويخالط همس نفسك فيصلحها ..
صوم مختلف عما نألف ونحب .. صوم عن الكذب .. الغش .. التدليس .. صوم اللسان عن الفاحش من القول .. صوم البطن عن كثرة الطعام والشراب .. صوم الفرج عن الرفث .. صوم يجعلنا نحاسب أنفسنا عند كل كلمه فلا نجرح صيامنا ولا نقدح ثوابه .. فالأعمال بالنسبة إليه يستلذ طعمها كالطعام ويشم ريحها كأنفاس المسك التي تندي جبينه ..
يدرك ساعة الإثم وقعه في نفسه فيتوقف ويكسر حدة مطاردته لهذا العمل حتى لا يقطع على نفسه ويخدش صومه ..
قال صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) أخرجه البخاري.
صوم الجوارح أعظم حدة وأكثر ايلاما للنفس وتربية لها ، إنه يرتقي بها ويصفيها وينقيها لتكون كبياض الثلج في رقته وجماله .. فالصائم له فرحتان : " إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي الله تعالى فرح بصومه "
فكيف تكتمل له فرحة لو لم يحافظ على صوم جوارحه ؟
عهد جديد نرتقي فيه حين نلملم شتات جوارحنا لنقيمها ونسير بها في مراق الصعود والرفعة ..
عهد جديد ينادينا كلما أقبل علينا رمضان ليبوح لنا بسره الغامض وسط ركام الذنوب التي تسرق منا لحظاتنا الجميلة لتحيلها إلى اكتئاب ، ثم نعود لنسأل أنفسنا التائهة عن سببه وننسى أن سببه تمادي الجوارح بلا التئام ..
حين يتحفنا رمضان بلياليه الجميلة تتصدرنا أبواب السماء لتذكرنا بباب الريان الذي يفتح فقط للصائمين .. باب من أبواب الجنة لم نكن لنبلغه لولا صوم صحيح بخرائط الجوارح المكبلة والتي نربيها على البعد عن سفاسف الأمور التي تفقدنا الأجر فيه ، وقال صلى الله عليه وسلم:
( إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد) متفق عليه

السبت، 12 سبتمبر 2009

مذاق الصدقات ..




حين كنا صغارا كنا نرى أمهاتنا وهي تبادر بالصدقات ..

تدفع ربما كل ما لديها لإدراكها هذه القيمة العظيمة .. توزع ما تملك على من يحتاج لتحصل على دعوة في ظهر الغيب ..

ذكر جميل وقبول من الرب عز وجل .. وحين كبرنا أدركنا أثر هذه الصدقات الصغيرة مع ما كان عليه الحال من الفقر وقلة الحيلة ..

لكن الآن ومع زيادة ما يملك الانسان مقابل قارنته بالماضي أصبح مد اليد قليل .. والخوف من الفقر كبير ..


وهذا هو مرض من أمراض التعلق بالدنيا ، كثر الشح وابتلي الانسان بالبخل ولا أقول الكل لكنه مرض أصاب الكثير .. يأتي رمضان ليمحو هذه الأخلاق ويحولها .. يطهرها ويزكيها .. يربيها على البذل وتذكر المحتاج رغما عنه ، فحين يجوع يتذكر الجوعى وحين يحرم مما يحب يتذكر من يعاني الحرمان الطويل .. فيبادر بدفع الصدقة طلبا في محو معصية .. زيادة بركة وعافية .. كثيرة هي الأمثلة التي ذكرت في الصدقة والنماذج عظيمة فهي تضاعف الحسنات وترفع المعنويات وتجعل من هذا الانسان قلبا يسع الكل لا يسع ذاته فقط ، أذكر أنه في مرة من المرات أخرجت إحدى صديقاتي مبلغا من المال صدقة لمحتاج وكان آخر ما لديها منه ،

وعندما عادت للمنزل أخذت تقلب أحد كتبها لتجد فيه مبلغا أكبر من المبلغ الذي أخرجته فمن الذي أكرمها به ؟


إنها صدقتها الخالصة التي أخرجتها لوجه الله تعالى ..


يأتينا رمضان لتتضاعف الأعمال وتزيد الأرصدة وتصفى القلوب فتبادر بالطاعة فقد حبست الشياطين وأصبحت الأنفس تتوق للمزيد من الحسنات فلنستغل هذا الشهر ونتذكر أحبتنا الذين يعانون من الحاجة ولنمنحهم بعض ما لدينا فنخفف الألم ونزيح الهم .. ونفرج الكربة .. فلنتصدق على أنفسنا .. لنتصدق فأبواب الصدقة كثيرة كما وضح صلى الله عليه وسلم :

" من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وأستغفر الله وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ويعزل الشوك عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي العمى وتسمع الصم والبكم حتى يفقه وتدل المستدل .... وكل معروف صدقة ..


ولا ننسى في شهرنا زكاة الفطر التي نخرجها قبل يومين من العيد في أواخر شهرنا الحبيب لنجبر صومنا ونطهره مما قد يفقده ثوابه قال صلى الله عليه وسلم: ( زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ، من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) أخرجه البيهقي وصححه الألباني .


فلنبادر بالمعروف في هذا الشهر المبارك لنضاعف حسناتنا ونعتاد على هذه الأعمال فتصبح جزء لا يتجزأ من سلوكنا ..

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

مذاق الصلاة والتراويح



من يدرك أوقات الصلاة يدرك قيمة هذه الطاعة العظيمة وأدائها في أوقاتها ..

فما أجمل إدراك الأوقات خاصة في الفجر فقد قال صلى الله عليه وسلم :" من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له حجة وعمرة تامة تامة تامة " صحيح الجامع الصغير فما أعظم الغنائم التي نفرطها ونتهاون فيها ..


أوقات توزع فيها الأرزاق .. تقسم العطايا .. ترفع الأعمال .. تسجل الأذكار وترفع وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أصحابها .. صلاة الظهر ، العصر والمغرب لها وقع خاص وأجراس منبهة توقظ القلب من وحله .. تحلق به في آفاق عالية خاصة حين تكون هذه النفس صائمة ترتجي القلوب وتطلب العفو والرضا .. فالصلاة مفتاح القلوب ومؤنسها :" أرحنا بها يا بلال "


هي طاقة تمنح للإنسان ليقوى على حاله .. ينتصر على أدران نفسه المريضة ويخلصها من أمراضها المقيتة ..

هناك في هذا الشهر الفضيل صلاة نشتاقها .. نتنافس كي نصليها إنها صلاة التراويح ، فما أجمل المساجد وهي تمتلئ بالمصلين لأداء التراويح .. تراويح من اسمها تروّح عن القلوب .. تروّح الهموم .. تزيد النفس راحة واستراحة .. مراوحة السكون والوجد والشوق ..

من منا يفرط في مثلها ؟

وفي الصحيحين عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قامَ رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه متفق عليه.


وذكر الإمام النووي رحمه الله أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح . . سر جميل ندرك سبب الحرص عليه وتهافت القلوب له .. حين تجمعنا الصلوات .. وتتتابع اللحظات وتصطف القلوب وجدا وشوقا .. قد لا يعرف الكثير سر تدافع الجميع وإقباله على هذه الصلاة لن من يتلمس أثرها بعد الانتهاء منها يدرك لم هذا التسابق لها ..


نفحات عجيبة تهب على القلوب والنفوس وتراوح حول أرواحنا لتنطلق بها .. ولهذا الخير العظيم قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن) أخرجه أبو داود وصححه الألباني .


فإذا عقدت النية وحافظت على الصلاة في المسجد فالتزمي بأوامر الله وابتعدي عن التطيب والبخور ومخالطة الرجال وحافظي على حجابك الشرعي الكاملكم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص عليها في هذا الشهر وكم تسابق لها صحابته رضوان الله عليهم فارتقت بهم هذه الطاعات واستبدلت حياتهم من حياة المادة إلى حياة الروح ..


اليقين الذي يروي عطش القلوب المرتحلة للراحة في فجاج الحياة المنبعثة من قلوب لا ترتضي الهوان ولا تقبل إلا بالسمو والارتقاء .. نفوس اختفت فاختلفت وكم كان لرمضان لديها قيمة وسحر ما زال الكثير منا لا يعرفه ويجهله أغلبنا

فمتى نصل ؟

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

مذاق الإفطار


اللحظة كنز له قيمته ..


نعمة منحنا إياها الله سبحانه وتعالى لندرك من خلالها عظيم هذا الفضل الذي نحياه فعلينا قبل البدء في السباق أن نضبط ساعة أعمارنا ونرتبها لتعتاد على الطاعة فلا تتذمر ولا تمل بل تشعر بالقيمة المهداة لنا ..


قال تعالى :" ويوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل " فلندرك أنفسنا ونعد العدة ونتلمس البشائر التي وعدنا إياها الله سبحانه وتعالى ونحرص على الثواني والدقائق فلا نضيعها فيما لا ينفعنا ، بل قد يكون وبالا علينا يقول ابن الجوزي لولده :


( واعلم أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاس ، وكل نفس خزانة ، فاحذر أن يذهب نفس بغير شيء فترى يوم القيامة خزانة فارغة فتندم ، فإن في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة "


فكم سنجمع من النخيل بل كم سنضيع ؟!!


وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعجيل الفطر ويقول : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"[صحيح]

و " كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات,فان لم تكن رطبا فتميرات,فان لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء"[صحيح]


نحن أمة نعلم قيمة اللحظة فلا تذهب عنا فنخسرها لتكون لنا حسرة ، هذا النهار الذي امتنعنا فيه عن الطعام والشراب وأشياء كثيرة لأجل تربية قيمة نسعى لتلامس أنفسنا التي قد أصابها الخبث لتقصير واسودت لبعد وذنب فجاءت تلك اللحظات لتعيد لنا البناء فتعمر ما هدمنا وتصيغ أنفسنا من جديد لتخرج كما أراد الله سبحانه وتعالى ،


فرمضان لا يأتي عبثا بل هو سنة كونية لإصلاح الخلل وإعادة البناء فكلنا نحتاج لأوقاته الطيبة التي تنتشلنا من وحل المعصية إلى ثمرات النماء ..حين نصل إلى وقت المساء ..


نقبل على الإفطار بروح محبة مرتاحة فقد مضت ساعاتنا ولحظاتنا على نحو خير قضيناه ..

نفطر وكلنا رجاء أن يتقبل منا الله سبحانه وتعالى هذه الطاعة وما صاحبها من طاعات ..

نفطر ونحن نتذكر كل مسلم لا يجد قوت يومه ويبحث عما يطعم به عياله ..

نفطر ونحن نتذكر معاناة إخواننا المحاصرين الذين كبلوا بالقيود وحرموا من أبسط الحقوق ..

نفطر حين نتذكر الدعاء لكل مهموم غلبه همه .. لكل مريض حاصره مرضه .. لكل جائع عذبه جوعه .. لكل مجروح طغى عليه جرحه ..


حينها يكون الإفطار مختلفا وتكون الحياة غير ما اعتدناها فهي لا تكون لنا وحدنا بل لكل موحد يذكر الله سبحانه وتعالى وتعلو نفسه للوصول والقبول ..

الأحد، 6 سبتمبر 2009

مذاق السحور




كثيرون هم الذين يهملون هذه الساعات أو يجعلونها قائمة على المعاصي والفجور ..

وما اكثرها من ساعات تسرق منا ونراها تكثر في هذا الشهر الفضيل فخيام رمضان التي تنصب للمتعة والدخان والرقص ما هي إلا فاجعة من فواجع زمننا وليتنا ننظر للخيام التي تنضب للدروس والمحاضرات التوعية والدينية فنرى الفارق الكبير بين هذه وتلك ونختار الأصلح ، فهناك أشخاص جعلوا من تلك اللحظات العظيمة مجون وبُعد مهملا قيمتها المعنوية ..


تصبح تلك الساعات موبوءة مسودة بعد أن كانت ساعات نهاره أثناء الصوم طاعة وعباده ..


تجيئ تلك اللحظات والأوقات الليلية لتدمر كل شيء فتكون سببا في تضييع ما صبر عنه في صومه وكأن رب النهار اختلف عنه في الليل والعياذ بالله ..


أمتنا أدركت مذاق هذه الساعات فجعلتها ساعات حياة وتلمس يقظة قلب وعبادة .. نعم هي لحظات عظيمة نتلمسها في طاعة ونتسابق فيها لزيادة رصيد أعمالنا علنا نكون من المقبولين ، هذا الشعور أحياه فينا نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حين علمنا قيمة هذه النعم لنعيشها في سكينة ووقار فقد قال عليه الصلاة والسلام :" تسحروا ففي السحور بركة " رواه البخاري


وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السحور بركة ولو بجرعة ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين " رواه الإمام أحمد


السحور عبادة ووقته وقت مبارك لا يهدر في المعاصي فالوقت له قدسية واللحظة قد تسبب حسرة طوال العمر لا تنتهي فمتى نتحسس مذاق هذه اللحظات ونتداركها ونرحل بأرواحنا إليها متذوقين لمتعتها التي لا تساويها متعة بلا إهمال أو إجبار ، حينها ندرك الدروس العظيمة التي ندرسها في أعماق الوجدان فيكون التغيير الذي نريده معلما لنا لنتحلى بخلق الصبر في هذا الشهر الكريم

الخميس، 27 أغسطس 2009

مذاقات





تتسابق اللحظات ونحن ننساب بينها هكذا دون شعور .. تصحّر القلب في أوصالنا فعطف بنا وهجر وخمل .. تتراقص الأنفاس في أعماقنا شوقا إلى مذاق حلو راق يبعد عنا المرورة فقد طالت .. وهكذا كل عام نعود من حال إلى حال ؟

الكل يتراقص ، لكن رقصات قلوبنا مختلفة فهي تتراقص شوقا وحبا ، لا لهفة على المعاصي التي ينتظرها الكثير ..

أصبحنا نعد الأنفاس عدا .. تحدونا غربة طالما عشناها وارتحلنا إليه وكلنا صبابة ووجد .. هناك من ينادي علينا أن هلموا واخلعوا ثوب الخنوع والدعة .. أرى النسمات غير النسمات .. والهواء مختلفا عما اعتدنا عليه .. فهُّل يا هلال ..

أهل علينا بأمر الله فالأرواح ما زالت تناد :" اللهم بلغنا رمضان .. اللهم بلغنا رمضان "

فكل ما في رمضان له مذاق يعرفه كل من ينعم في نعيمه ويدرك قيمته ، يتلمس لحظاته العظيمة ويحفظها عن كل ما يدنسها ويخدشها .. كل من لا يريد لصفحته أن تخربشها المغريات وتنفث فيها سمومها فتخدرها وتبدأ الصدأ فيها من جديد ..
إنه سبب من أسباب حياة القلوب وسلامته من العصيان والبعد .. وسيلة القرب والنجاة ، نختلف ونحن نتأمل لحظات الإنتظار وكيف مد الله لنا في العمر وأكرمنا بتلمس لياليه والحياة في كنفه قال تعالى : " هذا ماتوعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب "


كيف لنا بقلب منيب إلا بالطاعة والعبادة ؟ كيف لنا به إلا بتلمس القرب والذكر ؟ وتتبع السكينة والبعد عن قلوب طبعت بطابع العصيان فقست كالحجارة ، قال تعالى : " وإن من الحجارة لما يتفجر منه النهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون "

شهر تتلهف له القلوب كل عام
تتسابق فيه نحو الجنان
وتطلق همساتها وآمالها
لتجعل منه موسما مشرقا بالدفء
لكل القلوب المتلهفة

فلنتذوق معا بعض مذاقات هذا الشهر العظيم
ولنستشعرها في عمق أعماق القلوب
لنرى إشراقاتها من خلاله
ونتضاعف فيه
أضعافا مضاعفة

الأحد، 16 أغسطس 2009

أفكارنا .. والعقل الباطن







يقول ابن خلدون :" إن الانسان إذا أعد نفسه قبيل النوم إعدادا نفسيا في سبيل فكرة معينة فإنه سيرى تلك الفكرة في منامه ويستفيد منها "

فالعقل الباطن هو القانون التي نسيّر به حياتنا وهو الذي يملك قدرة وادراك الخير لهذا الانسان لهذا وجب عليه برمجة هذا العقل عن طريق استحضار كل الأفكار الايجابية والخيّرة ..

نغرس بذور السعادة في نفوسنا ونبرمج عقولنا عليها لنحقق ما نريد ونصل إلى الراحة المرجوة لنا .. وهذه الراحة لا تكمن إلا بتواصل جميل مع الله سبحانه وتعالى واستحضار معيته عز وجل ..

نحن لا نحتاج لمدارس تعلمنا هذه المهارة لأنها بداخلنا وعلينا أن نتعرف على دواخلنا لنطبقها ونستخدمها الاستخدام الحسن ..

الكثير من الأفراد استفادوا من هذه القوة وقننوا لها عقلهم وبرمجوه وفق طموحاتهم وآمالهم فحققوا ما يتمنون وفق ثقتهم وذكائهم غير المحدود وتوفيق الله لهم ..

إن الأفكار التي تتشربها عقولنا متى كانت ذات سلوك صحيح وبناءة وخالية من التشويه والاضطراب استجاب لها عقلنا الواعي وغيّر مجرى حياتنا وفقها ، فهو المتحكم والمتصرف وفق البرمجة التي اقترحناها عليه ، فالعقل الباطن يستطيع حتى قراءة الأفكار الأخرى وما يحتويه مخزن عقولهم ..

لا يجب أن نردد كلمة لا نستطيع أو لا نعرف أو لا نقدر بل علينا ادراك قدراتنا وتحدي كل سلبية قد تطرق رؤوسنا فتوقف مسيرنا وتأخرنا والإستعانة بالله عز وجل في عملنا لنحقق ما نصبو له ..

هناك ايحاءات نلتزم بها وعقلنا الباطن تحقق لنا ما نريد فعندما نبرمجه على الاستيقاظ لصلاة الفجر أو الليل يتحقق لنا ذلك وإذا أردنا النجاح في العمل ونزرع اليقين في نفوسنا بالنجاح فسيتحقق لنا هذا الأمر ..

حتى عند حدوث مشكلات لنا لابد لحلها من الاسترخاء التام قبل النوم ، هدئ عقلك وسكّن جسدك واحشر اهتمامك وركز فكرك

ولا تنسوا الدعاء فعلينا الإكثار منه وتحقيق الأمور التي تساعد في إستجابة الله عز وجل لنا من خلاله ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر . وقال الألباني : حسن .


وفي الحديث الآخر : الدعاء ينفع مما نزل ومما لم يَنْزل فعليكم عباد الله بالدعاء . رواه الحاكم وغيره ، وحسنه الألباني

استعينوا بالله وتوكلوا عليه وبرمجوا أفكاركم وعقولكم لعمل ونجاح
وها هو شهر التغيير يقترب فلنعد صياغة عقولنا ولنبرمج أفكارنا
ولنحقق الغاية من وجودنا في هذا الكون




وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مع قرب شهر رمضان المبارك

اللهم بلغنا رمضان
وأعنا على صيامه وقيامه

الجمعة، 24 يوليو 2009

عوالم غريبة





الخطرات التي تمر علينا .. تسربل أغوار جوانحنا .. ما هي إلا عوالم غريبة تضمنا ، تشجب ألحان الحزن في أوصالنا وتحيلنا لطرق مفترقة تكتنفها أسراب الرحيل المر .. ندفعها عنا دفعا لكي لا نوجع بالفقد فلا نستطيع ، هي سنة كونية تدور دورتها ونحن ندور معها أحببنا ذلك أم لم نحب .. جنون تلك اللحظة تسمّر خطواتنا وتحيلها بأثقالها المهمومة خطوات مبهمة .. خطوط مغلقة تلك التي لا تبرح تسكننا وتفرض علينا السكوت وتعلمنا الصبر مع دمع يتقاطر بين فينة وأخرى وحزن عميق يتصدر قائمة أيامنا ..

انظروا إليها وهي تسكن فينا .. تتلصص علينا وتسرق منا لحظاتنا الحالمة .. تسرق منا حتى الأنا وتحيلنا جثمان يأبى إلا الشرود ناصية الألم .. تلك أوراق متهالكة تغزونا محاورها بين فينة وأخرى لنحاورها بعتب ، لنصرخ فيها ونحثها بألا تدمي أعيننا التي نبصر بها الحياة فنراها بألوان زاهية تشرق في النفس ..




لا تحيلي حياتنا بعدهم شقاء ..
نعم هم رحلوا هكذا اقتضت إرادة الحياة لنتوقف عن كل ما تكنه لنا من حزن كلما تذكرنا ساعاتنا معهم ونحيلها رضا ويقين ..
انفضي عنا غبار الوساوس التي تحيل أيامنا كآبة لنستبدلها بشعاع مختلف يعيننا على وجع الطريق وتحمل مشقاته ، هذا الطريق الذي ندعو الله ألا يبعدنا عنه فهو طريق سكون النفس وراحة الأمل وطمأنينة القلب الذي أصابه الوهن لحظة انكسار ..

فيا أيتها اللحظات إياك وأن تطيلي علينا هذه اللحظة الملتحفة بالسواد لتعبثي بقلوبنا وتحيليها رماد ..

الأربعاء، 24 يونيو 2009

أفكار متراكمة



أجد فنون الغرام بيننا مكتظة بالوجل .. دوما أنا وأنت نلتق على غير ميعاد ..
فالساعة ليست لك لكنك تأبى إلا أن تسلبني دقائقي ..
تهاجر بي في فضاء عالمك الجميل ..
تحطم كل الأفكار التي تسيح في عقلي ، الذي يكره أن
لا أنقاد لك حتى لا تضيع مني الفكرة .. الآن !! الآن تشدني !!
أعطني فقط فرصة !!
فهي معك جميلة جمال النسيم ،جمال المطر وهو يرش أوردة القلوب
ليحييها .. جمال البقاء الذي يسيطر على فأعيش في محور حصارك
حتى تنزف كل ما فيك وتسكت بصمت
فما أروعك يا قلمي ..
/////////////////////////////////////////////


أسافر هكذا دون تحليق ؟ أجتر مرارة الخوف بين أكواخ سراديب الموت المعتمة ..
تدخلني في دائرة مغلقة على أوتار جراح تأبى الرحيل لتتقاسم ومعي الغبار
وتسكن في بغموض وأحاسيس مبهمة
.. وسط ليل طويل ..
///////////////////////////////////////////////////


يا مواكب الضلال وفلول المعاصي التي تطاردنا ما بين رعشة والتفاتة ، كفي عنا موائد غدرك التي تخدشنا فنكون لها منقادين ..
هكذا تجرفنا بوحل السقوط دون أن نشعر ..
سريعة أنت كومضة تمر على أركان قسماتنا فتلحقنا ونحن منها نفر ؟
وحين تقع فينا يتوجل الصمت حينا ونعود لنحاسب هذه الذات التي ما لبثت أن وقعت في المحظور لنقول لها صارخين : كفى ..

الأربعاء، 3 يونيو 2009

تسابق حرف ...




عيون مكعبة داهمتهما الريح يوما فأثارت فيها حالة تعجب لا تغيب .. فارغ قلبها من كل مثير .. تخوم ألوان الليل حاصرتها حتى استولت عليها بقوة .. قاومت .. صرخت وضجيج صوتها ينفجر في الأعماق بركان لا يسمعه سواها .. قررت الفرار .. البعد بعد الانسجام مع ما ترى لكنها ما لبثت الاستسلام والتسليم ..


فقط تعيش على رموز تسكنها .. أرادت أن تحياها في مخيلتها لكن أبت إلا أن تطعن أوجاع صدرها طعنات البعد وتركن فيها الوجد لتحيله رمادا اشتعل في أوكار قلبها المهموم .. تذكرت كيف أن الليالي سرقت منها الفرح وحالت بينها وبين الأمان .. أوهم كانت تعيش ؟ أم أنها لا تستطيع فصل الوهم عن الخيال .. ها قد مرت عليها الليالي وهي في قاموس الانتظار ، تأمل الخروج من سجنها وتلقي من على صدرها مطبوع كتب عليه ( مضى القطار وسار ) ..

يومها دخلوا عليها وعلامات من البشر تغطي ملامحها :
· جاءك خاطب يطلب المراد ، هكذا أخبرتنا أم سلطان ..

لعبت اللحظات حينها معها لعبتها .. وسكتت عن الجواب ، تسابق الحرف في دواخلها : وما جدوى الإجابة الآن ؟ سأزج بنفسي في كل الأركان وسأقبل بأي قارب ينتشلني والسلام .. نعم سأقبل الانقسام على أن أحذف من قائمة ( عزباء ) فقد مللت دعاء الصديقات شفقة وقد سلمت على نظراتهن المترفقة وأبيت إلا أن أرى نفسي قامة عالية لا تركن للزوال ..

كانت اللحظات حينها تدور مسرعة كالبكرة يترك فيها الحبل على حين غرة ، تساقطت أركانها متناثرة على ضربة قوية فقد أرادت للحظات أن تتوقف ليسمع الكل وصول الأمل المنتظر كما اعتقدت .. حين كانت تنتظر ظنت أن الركون إليه مفازة وأن صهوة أحلامها ستحملها إلى واقع ليس له شبه في خرائط رأسها حتى وصلها الخبر بأنه عدل عن قراره واختار لونا آخر غير لونها ..

لقد اختار شقراء ما زالت ترفل بالعمر الصغير كما اعتذرت لهم أم سلطان خجلة .. ويبدو أنه نسي أن يومنا هذا كل بناتنا شقراوات .. سحرته عيونها الزرقاء عبر عدسة ملونة وضعتها لتجذب الأجواء فوجدتها وخسر هو وكسبت هي عدم الوقوع في أحبال معدوم تضيع المقاييس في أعماقه ولا يعرف كيف هي سبل الحياة فحمدت الله وسكتت ولامت نفسها كيف فكرت أن تلقي بأعتاب روحها في آفاق جسد لا يدرك الحال وكل همه ألوان مدرجة ؟ ..

الأحد، 10 مايو 2009

خشوع الايمان ..




هل تريد خشوع الإيمان ؟ وكيف نحصل عليه ؟

خشوع الإيمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء ، فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء مع شهود نعم الله وجناياته هو وحين يخشع القلب تخشع الجوارح ، كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم يقول : أعوذ بالله من خشوع النفاق ، قيل له : وما خشوع النفاق ؟ قال : أن يرى الجسد خاشعا والقلب غير خاشع ”

فالخاشع لله عبد قد خمدت نيران شهوته وسكن دخانها عن صدره فانجلى الصدر وأشرق فيه نور العظمة فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حشي به وخمدت الجوارح وتوقّر القلب واطمأن إلى الله وذكره بالسكينة فإن الخبت من الأرض : ما اطمأن فاستنقع فيه الماء وكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها ، وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا له وذلا وانكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتى يلقاه ، بخلاف القلب المتكبر فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء فهذا خشوع الإيمان ..


وأما التماوت وخشوع النفاق فهو حال عند تكلف إسكان الجوارح تصنعا ومراءاة فهو يتخشع في الظاهر والحية في هذه الأرض الطرية رابضة تنتظر وأسد الغابة الفريسة ليفتك بها ..

ولكي نحصل على خشوع القلب فنثري إيماننا علينا أن نتداركه في الصلاة


فالخشوع في الصلاة سبب للفلاح والصلاة بلا خشوع كالجسم بلا روح فإلى متى تبكي الصلاة روحها ؟

إن لب الصلاة وثمرتها هو الخشوع فإذا افتقده الإنسان فإنه يخسر الكثير ، والكثير منا يشكو عدم إدراك الخشوع والخروج من الصلاة دون أن ندري ما قلنا فيها فكيف يتحصل الخشوع ؟

علينا في البداية أن ندرك فوائده العظيمة علينا حيث يفتح الله تعالى أبوابا من الخير والتوفيق وانشراح الصدر وقرة العين بما يحس من الراحة النفسية والطمأنينة القلبية لهذا علينا أن نتدبر أمور ديننا قبل دنيانا فصلاح الدين صلاح للدنيا وليس العكس فالتوفيق من الله لا يتأتى لنا إلا بصلاح ديننا وعلينا مراعاة بعض الأمور في الصلاة مثل :
الإقبال عليها بقلب خاشع ذليل منيب طامعا للثواب ..
التخلص من أمور الدنيا وهمومها
الحرص على الصلاة في وقتها
تذكر المرء دائما فضل الخشوع وعلو منزلة أهله ..

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :“ خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ” وفي رواية لأحمد

”وما استقبلت به قدمي لله رب العالمين

وكان عليه الصلاة والسلام يقول :
” اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ”
وبعد :

أما آن لنا أن نحول القول على عمل ؟ .. أما آن لنا أن نكون مسخرين لخدمة هذا الدين فنؤدي حقه على الوجه الأكمل ؟ أما آن لنا أن نترك الدنيا ونسد أبواب شهواتها فنجعلها في أيدينا وليس في قلوبنا لتبقى قلوبنا دوما عامرة بالإيمان ؟ تلهج بالذكر والدعاء .. تعيش على نقاء فطرتها وجمال سموها فتتقد قلبا وقالبا وتكون عامل بناء في قلب الأمة ؟

فهيا بنا نسمو ونرتقي لنلتقي في ظلال الجنان

الثلاثاء، 5 مايو 2009

الايمان .. وثمراته ..

قال تعالى : ” فمن تبع هداي فلا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون”
لقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن التزم منهجه أن يمنحه الحياة السعيدة ويؤمنه من الخوف والجزع والحزن في الدنيا ويمنحه العيشة المليئة بالسكينة والاطمئنان
قال ابن القيم رحمه الله : ( الغموم والهموم والأحزان والضيق عقوبات عاجلة ونار دنيوية ، والإقبال على الله والإنابة إليه والرضا به وامتلاء القلب من محبته واللهج بذكره والفرح والسرور بمعرفته ثواب عاجل وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك البتة ) الوابل الطيب

هل فكرت يوما ما هي ثمرات الإيمان ؟
هل استشعرتها في نفسك ووجدت الأثر عليها في قلبك ؟
هل بحثت عنها وكنت حريصا على تتبعها ؟

ومن أعظم ثمرات الإيمان :

· الاستلذاذ بالطاعات وتحمل المشقات في سبيل الله ورضاه ، فالإيمان له حلاوة والطاعات لها لذة والعبادات لها سعادة وراحة .. قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار )
·


· لذة العبادة : هي ما يشعر به المسلم من راحة النفس وسعادة القلب وانشراح الصدر وسعة البال ..
كيف نحصل على هذه اللذة ؟

بمحبة الله تعالى ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأداء حق الله وحق رسوله ، يقول أحد السلف :“ إنه ليمر بالقلب أوقات يهتز فيها طربا بأنسه بالله وحبه له ” وقال آخر :“ أطيب ما في الدنيا معرفته ومحبته وأطيب ما في الآخرة رؤيته ” ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تكمن في قوله تعالى :“ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ”
ونحصل على هذه المحبة لله ولرسوله
· بقراءة القرآن وتدبره والتفهم لمعانيه
التقرب إلى الله بالنوافل
دوام ذكر الله وإيثار محابه على محابك
مطالعة القلب لأسمائه وصفاته
الخلوة وانكسار القلب وقت النزول الإلهي
مجالسة المحبين الصادقين
2- الحب في الله :
والتي لا يشعر بها الإنسان إلا إذا أحب لله تعالى ولدينه الحق ، قال صلى الله عليه وسلم :“ ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما ” البخاري

3- كراهية الكفر وأهله : لأنه يعلم أن الكفر نار ويكون الكره للكفر بأداء حق الإسلام في التمسك به ونبذ المبادئ التي تخالف شرع الله وتتعارض مع أحكامه ..

4- - ذكر الله تعالى :
قال تعالى :“ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” وللذكر فوائد منها جلب الفرح والسرور والبسط والطمأنينة وحصوله على لذة الإيمان وحلاوته ..

5- الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ، قال صلى الله عليه وسلم :“ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ” والرضا يكون به معبودا وناصرا ومعينا ورازقا ووليا والرضا بما يقدره سبحانه وتعالى والرضا بالله كالتوكل عليه والتزام أوامره وترك ما نهى عنه .
والرضا بالرسول عليه السلام يكون بالانقياد به والتسليم إليه والرضا بالإسلام والرضا بمنهجه لنظام الحياة والاكتفاء به

6- ترك فضول الطعام والشراب والكلام والنظر : لأنها تؤدي لقسوة القلب والكسل والنوم والوقوع في الآثام ..

7- البعد عن المعاصي والذنوب : يقول ابن القيم :“ إن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن وبغضا في قلوب الخلق ونقصانا في الرزق وإن للحسنة ضياء في لوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق ”

السبت، 11 أبريل 2009

حبيبات الرمل .. وأنا ؟








داعبت يداي حبيبات رمل صغيرة .. انتظرت شوقا لملامسة أصابعي .. ووجدتها ربيع قلبي وأنس ألمي .. لكن .. كانت الكارثة أنني كلما لمستها سمعت صرخاتك تمنعني .. تعتلي أذناي وتحطم بيوتي الصغيرة التي صممها عقلي وبدأ في تنفيذها .. فلماذا يا أمي ؟ أكل هذا حتى لا تتسخ ملابسي !!




إذا لماذا تم تصنيع منظفات الملابس يا حبيبتي ؟؟ ..



ليتك تعلمين أن لعبي بين أحضان التراب وحبيباته الصغيرة ينميّ عقلي .. يصقل فكره .. يهذب نفسه .. يمنحه ثقة أكبر بذاته ..

أمي .. أبي ، أعطياني حقي في اللعب .. لا تحرماني هذا الحق فهو أبسط الحقوق .. قال لي صاحبي بأن والده صنع له حوضا من الرمل ليزداد في لعبه ومتعته .. ليتكم تصنعون لي مثله ؟؟ وتأكدوا أن هذا الأمر سيكون حافزا لي في طلب العلم والاستذكار.. فهما مكملان لبعضهما البعض ..
سأتحدث دوما حتى تسمعون حديثي فمن حقي أن أجري .. أن أقفز وأحكي .. من حقي أن أرسم .. أن ألعب وأبني .. من حقي أن أكتب أن أتسلق وأحفر .. لا تحرموني أبسط حقوقي بحجة الخوف علي .. دعوني ..


هل تذكرين يا أمي حين كنت في عمري ؟
كم كانت لك صولات وجولات ؟
وكم مارست من حقوق المتعة واللعب ؟
لم يمنعك أحد لأن زمنكم كان خلاف الزمن
؟

لكنك اليوم تحدين من حركتي .. تقلصين خروجي .. وتبعديني عن كل ما ينمي عقلي وينضج فهمي ، ويحيلني طفلا طبيعيا بكل مقوماته ، تتركينني أعيش صراعا يشل أوساط نفسي فيصيبها بالكآبة ، ويحيلها نفسا مريضة تكره العمل وتخلد للدعة والكسل .. وتبحث كل ما هو جديد وكأن الحياة أجهزة فقط ..

فمتى تعّين ما أنا فيه من ألم وتباشرين تصحيح مفاهيمك الخاطئة لأكون سليما معافا بلا كدر ؟..

الثلاثاء، 10 مارس 2009

وجهة نظر ..









” ليس العالم الذي يختلف .. إنما الناس الذين يتفهمون العالم هم الذين يختلفون “


عبارة مرت علي وأنا بين أحضان الكتب فوقفت عندها متأملة .. أخذت أحدث نفسي وكل نفس ، بدأت معها بلفظة لا تكترثي يا نفس فهناك الكثير ممن لا يقتنع بأفكارك أو ربما يرفض ما يجول في خواطرك ويناقضها ، فقط كوني على يقين من جمالها خاصة وإن كانت على طريق الاستقامة تسير …




احمدي الله ليلا نهارا على أن منّ عليك بها مهما طاردتك موائد الفشل وطوتك في حبائلها طيا حتى تخيلت نفسك وكأنك في أحضان كفن أوقف مسيرتك كثيرا ..


الموائد تطاردك وتحاصرك من كل الجهات لكن لا تبالي بها .. سيري واثقة الخطى حتى لو رميت أوراقك في أحضان الكثير فبعثروها مع الريح وصبوا على رأسك صمتا أوقفه عن التفكير .. ضعي يديك عليه ولا تبالي ولو زاد عليك الوجع اجعليه لا يعني لك شيئا حتى لو صرت لست أنت !!


صمت الأعماق يبوح دوما بلا قيد .. ارفضي كل حس يدور في فلك فضاءك الواسع ليوقفك ويكتم ما يغلي في صدرك من هم عال علو السماء ، فالنفس تأبى إلا البوح .. دعيه يرفض التكتم لقضية أنت تحيينها بكامل وجدك وأصري على الإقرار أن الإنسان جـُـبل على ما خلق عليه وأنت خلقت ليرى أفكارك الكثير وتعيش في أعماقهم .. فارفضي التوقف ..

يا نفس .. قاومي عناد نفسك وذبذبتها .. قاومي رفضها للنقد وسكوتها لتريح رأسك وتبعدك عما يزيد الهموم فيك ، لا تدعيها تقلّص عقلك لترتاح فلن يجد عقل اعتاد الضياء والعيش في فلك اليقين الراحة حتى يكنس برفضه كل ما فيه من خمول ويأبى إلا أن يكون شيئا في قائمة البناء .. قائمة كل من مضى على الطريق فلا يسقط اسمك من بين أسمائهم ، علّه يرضي بعض جرح غار في أغوار ذاته لأنه متوقف كما يرى نفسه ويراه الجميع ..

ستقفين يا نفس بأفكارك وحيدة وستبثين الهموم الكثيرة ، لكن ستلقى الأصداء وسيسمعها الكثير ويقتنع بها لأنها على طريق الحق سائرة .. وسيتذكرك كل من حاصرك على موائد الفشل ثم يدرك كم أخطأ في التقدير ، فقط لحظة صبر وصمود وإصرار على التغيير ..

السبت، 28 فبراير 2009

رحلة في عالم الكاميرا











رحيــــــــــل



وارتحلت

في فضاء عميق
خجلى تسحب أشعة نورها
وتختفي
دونما وداع
وكأنها تبوح الحب
وترتشف الانتظار
وكأن أعماقها يصرخ في عشاقها
لا تملوا فغدا أرسم لكم لوحة أخرى
تختلج في وجدانكم
وتبعث لكم همسا